جامعة الحكمة أطلقت دفعة جديدة من خريجي كلياتها رفول: نتطلع بأمل إلى مرحلة جديدة لشبابنا

أطلقت جامعة الحكمة في احتفال حاشد، أقيم في حرم كلية العلوم الفندقية في الأشرفية، بدعوة من رئيسها الخوري خليل شلفون، دفعة جديدة من خريجيها في الإجازة والدراسات العليا في الحقوق والقانون الكنسي والعلوم الكنسية والعلوم السياسية والعلاقات الدولية والعلوم الإدارية والمالية والعلوم الصحية والفندقية (400 طالبة وطالب) برعاية رئيس أساقفة بيروت ولي الحكمة المطران بولس مطر، وفي حضور الوزير بيار رفول ممثلا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والسفير البابوي المونسنيور غبريالي كاتشا، وشخصيات سياسية وقضائية واجتماعية وممثلي الهيئات العسكرية والأمنية ورؤساء جامعات ومدارس وأهالي المحتفى بهم.

بعد دخول ممثل رئيس الجمهورية وولي الحكمة ورئيس الجامعة الخوري خليل شلفون ونائبيه الأبوين ريشارد أبي صالح ودومينيك لبكي وأعضاء مجلس الجامعة والأساتذة والخريجات والخريجين، أنشد النشيد الوطني ونشيد الجامعة الجديد من كلمات أمينها العام الدكتور أنطوان سعد، وألحان الخوري جوزف سويد.

ثم ألقى الإعلامي إيلي أحوش، إبن الجامعة، كلمة تقديم وتعريف، وقال: "اني افهم شعوركم أيها الأعزاء المتخرجون، وقد عشته قبلكم لـ15 سنة خلت، وهو مزيج من فرح الفوز بالشهادة والاعتزاز بالجامعة. وجامعتنا يشهد لها التاريخ ويبتسم لخريجيها المستقبل.
انها حكمتكم. انها حكمتي التي منها انطلقت حقوقيا الى عالم الاعلام والاضواء. وبقيت هي الضوء والعلامة التي تقودني الى النجاح".

شلفون
ثم ألقى الخوري شلفون كلمة قال فيها: "إنها لمناسبة مناسبة وعزيزة، نستهلها مرحبين بفخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ممثلا بمعالي الوزير الدكتور بيار رفول، مثمنين لفخامته ما أنجزه عهده في أشهر معدودة، رغم المعوقات الجمة، وما يعد لتحقيقه خلال ولاية نتمناها خصبة ومثمرة، ولا نشك في انها ستكون على مدى أماني المواطنين وانتظاراتهم. وإننا مع سيادة ولي جامعتنا، المطران بولس مطر السامي الاحترام، الذي يوجه مبادراتنا ويبارك احتفالاتنا، ومع أسرة جامعتنا نشكر فخامة الرئيس على ما خصنا به أخيرا حيث حظيت جامعة الحكمة بترخيصين حكوميين لإنشاء كليتين جديدتين: الأولى هي كلية الهندسة التي ستنطلق في أيلول المقبل، في مبانيها الجديدة في الحرم الجامعي في تحويطة فرن الشباك، حاملة اختصاصات جديدة بالفعل، في هندسات متعددة، ومن هنا اسم Polytech، تتضمن هندسة المعلوماتية والطبية والكيميائية والغذائية والاتصالات، وبمناهج عصرية ومختبرات متطورة".

اضاف: "أما الثانية فهي كلية الاعلام والتواصل التي ستساهم في تنشئة جيل لا يهاب قول الحقيقة، مهما بلغ ثمنها، وفي زرع الرجاء مهما استبد اليأس، مستفيدا من تكنولوجيات التواصل التي ينبغي استعمالها في سبيل الخير العام وتعميم القيم.
إنها تحديات العصر، تحديات الحداثة التي تقرع أبواب جامعاتنا، وقد فتحنا لها الأبواب والعقول، وعملنا ونعمل باستمرار على تحديث برامجها وتطوير ادارتها لتأمين حوكمة سليمة أيضا في نطاق مسيرة الجودة التي لا تتوقف، وبمعايير دولية.
تلك هي هوية جامعة الحكمة التي تفهم تاريخها التزاما بحاضرها وحاجات وطنها ومجتمعها وعالم الاعمال، واستشرافا لغدها وحاجاته المرتقبة".

وتابع: "هذا ما تعيشه جامعتنا وما يدركه طلابنا المتخرجون، وقد عاشوه جهدا وجدا واجتهادا، والتزاما وسعيا دؤوبا الى ما يصبون اليه. وها هم يصلون الى نهاية مسارهم الجامعي بقوة الرب الذي يقوي، وبقدراتهم الجادة والمجدية، الممتزجة بعطاء أساتذتهم والمكللة بأدعية أهلهم وتضحياتهم، الذين نهنئهم، وهم الساهرون على كل خطوات مسيرتكم.
من هنا فإن التخرج هو عيد لنا جميعا، لان لكل منا فيه حصة ونصيبا. فالتهنئة هي للجميع. أما التهنئة الحقيقية، يا اعزائي المتخرجين، فتتحقق عندما يكون لشهادتكم العلمية موقعها ووقعها في قلب مجتمعكم وفي ووطنكم - لا في أوطان الآخرين - فتكونون بذلك مواطنين فاعلين ومشاركين في ورشة العهد، وكل العهود، تبنون مع أصحاب الارادات الطيبة وطنا مميزا تحلمون به - كما حلمنا به من قبلكم - وقد آن الأوان لجعله نموذجيا، راقيا بين الأوطان يكون للمتعلم فيه وللعالم والباحث والمثقف مكان ومكانة تمكنه من اصلاح ما يجب إصلاحه لنجعل من لبنان وطنا يليق بالرسالة التي دعي الى حملها".

وختم: "أنتم ثروة لبنان الحقيقية، لا تستهينوا بذواتكم، بل كونوا متميزين مبدعين في ابحاثكم، وفي إطار رابطة خريجي الجامعة التي ستشهد هذا العام انطلاقة متجددة، تشكلون مساحة بل واحة للتعاون والحوار والانفتاح. وهذه سمات الحكمويين في كل زمان ومكان.
نهنئكم، نهنئ اساتذتكم وذويكم. قلوبنا معكم ولن نقول عليكم، لأنكم تقيسون خطاكم وتعيشون احلامكم اندفاعا وسعيا نحو الافاق الجديدة بالتوفيق والنجاح وبركات الله.
بإسمكم جميعا نوجه تحية تقدير لجيشنا الباسل وهو يصون حدودنا ويحصن حريتنا ويسيج وطننا ويحميه من كل عدو إرهابي".

رفول
ثم ألقى رفول كلمة قال فيها: "ما أجمل هذه الوجوه الشابة التي تضج بالطموح والتوقعات، متلهفة لمرحلة جديدة في حياتها لإثبات جدارتها وما اختزنته من علوم ومعرفة أكاديمية، وللانطلاق في عالم العمل والتمايز والمشاركة في حيوية وطن لا يكف عن التعلق بالحياة.
في حضور مؤسس هذا الصرح الجامعي اليافع والعريق سيادة المطران بولس مطر، يسرني ويشرفني أن أمثل فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في حفل تخرج كوكبة من الشباب، وأن أنقل إليهم تهنئة فخامته الذي يكتسب اندفاعه الوطني وتفاؤله بالغد من إيمانه بقدرة الشباب على التغيير، وثقته بطاقاتهم وقدرتهم في المحافظة على غنى الحضارة اللبنانية، وتراث هذا الوطن، والقيم التي تربى عليها شعبنا".

وتوجه الى الخريجين: "أشعر بسعادتكم في هذا اليوم الحافل بالمشاعر، وخصوصا أنكم تربيتم في رحاب جامعة لا يقاس عمرها بسنوات تأسيسها، بل بالامتداد التاريخي والبنيوي لها كمولودة من رحم صرح تربوي نشأ منذ نحو قرن ونصف، وما زال ينمو ويتطور محافظا على صلابة مستواه، ومواكبا أحدث المناهج وطرق التعليم.

وحين نقول مدرسة الحكمة، نسترجع باعتزاز كبارا جلسوا على مقاعدها، من بطاركة، ورجال سياسة، وأطباء، وإعلاميين، ورجال أعمال، وأدباء وشعراء وغيرهم. وفي الوقت نفسه نذكر أنفسنا، في ما لو سها عن بالنا، أن لبنان لطالما كان مدرسة المشرق وناشر العلوم والثقافات والآداب، ومختبرا لغويا وعلميا وتربويا. من هنا فخرنا واعتزازنا، ولا يجدر بشبابنا اليوم أن يهملوا حمل شعلة رسالة وطنهم الملهمة لشعوب المنطقة والعالم.

وإليكم أيتها الشابات وأيها الشباب أقول إنكم ثروة لبنان الحقيقية، ومصدر فرح وفخر لأهلكم. بقية الثروات إلى تناقص مهما عمرت، إلا ثروة الأدمغة في هذا الوطن، فهي تتوالد من جينات شعب متجذر بحضارة الانفتاح والشغف العلمي والاستكشاف والامتداد إلى أقاصي الأرض حيث بصمات اللبنانيين تصلح لتكون خريطة للإبداع والنجاح والريادة".

أضاف: "أهلكم استثمروا في العلم، مستسهلين التضحيات مهما كبرت، ايمانا منهم بأن تعليم أبنائهم هو ثروتهم وذروة مسؤوليتهم تجاه فلذات أكبادهم. ومع الأسف، دفعت الظروف والتحديات الصعبة التي يعيشها لبنان منذ عقود، قسما كبيرا من أجيالنا الجديدة والأدمغة المتفوقة والشباب الطامحين، إلى البحث عن مستقبلهم خارج حدود الوطن، حيث لمع منهم الكثيرون، وتفوقوا، ورفعوا اسم لبنان عاليا، إلا أنهم أحدثوا نزفا في خاصرة وطنهم، وقلبه.
اليوم، نتطلع بأمل إلى مرحلة جديدة لشبابنا، ونعمل لها كمسؤولين تقع على أكتافنا مهمة الانتقال بلبنان إلى ساحات التطور، والعصرنة، والشفافية، والأمان، والسلام. نريد لشبابنا أن يسهموا في هذا المشروع الوطني، ويتركوا بصمات نجاحهم، وعطائهم، وابداعهم، فوق وجه لبنان، لينشر إشعاعه ويرتقي إلى المرتبة التي يستحقها".

وختم: "لقد أثمر تعبكم لسنوات دراسية طويلة، نجاحا، وشهادة ستحملونها في أيديكم بعد قليل، لتشقوا بها وبعزيمتكم وطموحكم، دروب النجاح وتحقيق الأحلام.
هنيئا لكم ولأهلكم وأساتذتكم والقيمين على هذا الصرح الأكاديمي العريق.
وهنيئا للبنان بشبابه وشاباته الذين لا تقف السماء حدا لطموحاتهم".

مطر
وقبيل تسليمه شهادات التخرج مع الوزير رفول والخوري شلفون وعمداء الكليات، ألقى مطر كلمة قال فيها: "بكل محبة وافتخار نحييكم أولا يا معالي الوزير تمثلون فيما بيننا صاحب الفخامة العماد ميشال عون، رئيس الجمهورية اللبنانية الذي كلفكم مشكورا أن تنقلوا أمانيه بالتوفيق إلى جمهور الخريجات والخريجين في جامعة الحكمة يوم تسلمهم شهاداتهم المزينة بأطيب المواعيد، وأن توجهوا باسمه تحية محبة للعائلة الحكموية لما تقدمه في حقل الثقافة والفكر والوطنية من خدمات تعودها الوطن من جني كفيها على مدى قرن ونصف قرن من الزمن.

وإننا نسألكم بالمحبة عينها أن تحملوا إلى فخامته خالص العرفان وأطيب الأدعية نوجهها للأب المحب لجميع اللبنانيين، الحالم بدولة تكون بحجم لبنان والذي يحقق ما يحلم به ببركة من العلاء وبتأييد من اللبنانيين كافة لنهجه السليم والمجرد عن أية مصلحة سوى مصلحة لبنان".

وأضاف: "يعلمنا الكتاب المقدس أن "الذين يزرعون بالتعب والدموع يحصدون غلالهم بالفرح والابتهاج". هذا الكلام الملهم يعبر خير تعبير عن مشاعركم أيها الخريجات والخريجون الأعزاء، وأنتم تنطلقون اليوم من قاعات "الحكمة" إلى ساحات الحياة، والغلال بين أيديكم وافرة والفرح بها يملأ كيانكم في الصميم.
لقد جمعتم في بيتكم هذا مخزونا كبيرا من الثقافة والعلم، ومن القيم الروحية والإنسانية والوطنية التي نقلتها الجامعة إليكم بكل إخلاص. وها أنكم اليوم، وبوحي من هذه القيم، تحملون مع الشهادات التي تتسلمونها باعتزاز منا ومنكم، مسؤولية زرع ما جنيتم في أرض هي أوسع من حقول أشخاصكم، أي في أرجاء وطنكم العزيز لبنان، وفي أي بلد مشرقي سيفسح لكم في المجال للخدمة أو في أي مكان آخر من العالم تتوجهون إليه لتسهموا في تطويره وإعلاء شأن الإنسان فيه والإنسانية.

وما من شك في أنكم أدركتم أثناء سنوات الدراسة التي عبرتم، وأنكم ستدركون أكثر فأكثر في المستقبل، الترابط العضوي في العلاقة التي يجب أن تقوم بين الجامعات والمجتمعات في أي مكان من العالم. فالجامعة هي مكان البحث عن الحقيقة والانكباب على دراسة الواقع الإنساني بوجوهه كافة، وهي المساحة الأكثر ملاءمة لمقارعة الفكر بالفكر ومواجهة الرأي بالرأي، وصولا إلى تصور عام لما يجب على المجتمع أن يقوم به من أجل أن يتقدم على غير صعيد. وقد ارتكزنا بدورنا إلى هذه الحقيقة، والتزمنا في الحكمة ما أراده لها مؤسسها الأول، سلفنا الصالح على كرسي بيروت الأسقفي، وكما عبر عنه كتابة في موسوعته الشهيرة، بأن تكون "لخير لبنان وسائر الأمصار الشرقية". فجامعة الحكمة بنيت أساسا من أجل لبنان وفي خدمة كيانه بالذات كما بنيت من أجل هذا الشرق الذي يمثل لبنان فيه حجر الزاوية لدعم الحضارة فيه ولنشر ثقافة السلام في أرجائه".

وتابع: "بالروح عينها وضعنا ونضع سلسلة أهداف يتجند لخدمتها أهل الحكمة جميعا، من رئيس مشكور ونواب رئيس وعمداء ومن معلمين وإداريين وطلاب، ومن قدامى وأصدقاء أعزاء. وفي مقدم هذه الأهداف، العمل على تثبيت العيش المشترك الحر والمتساوي بين اللبنانيين في جو صحيح من المواطنة الكاملة والشراكة الحقيقية في الحكم وفي صنع المصير، آملين بنشر هذه الأجواء في الدول المحيطة، فتسير دساتيرها يوما بهذا الاتجاه. ومن هذا المنطلق نتوجه ثانية، ومن باب الإقرار بالفضل من فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية، المكلف بصون الوحدة الوطنية بموجب دستور البلاد، لما يقوم به ولما يسعى إليه في سبيل إرساء الحكم في لبنان ولأول مرة منذ مئة عام، على إجماع للبنانيين لا يشوبه تحفظ، أو استئثار لأحد أو غبن يقع على أحد. فينطلق الوطن بعد جم من العثرات المتأتية من هذه الإشكالات المعيقة، على طرق الحياة الفضلى وفي خدمة الرسالة الإنسانية التي يحمله إياها التاريخ. وكم يطيب لنا في هذه المناسبة التذكير بأن روح الحكمة الجامعة في انفتاحها على كل أطياف الوطن، والتي تشعر أي داخل إلى صرحها أنه في بيته وبين أهله، هي هي روح لبنان، وستبقى بإذنه تعالى ما بقي لبنان".

واردف: "الهدف الثاني لرسالتنا الجامعية إلى جانب تثبيت العيش المشترك في البلاد، فكريا واجتماعيا، يتمحور حول التطلعات المستقبلية للبنان ولدول المنطقة العربية المحيطة. نحن في زمن العولمة حقا، والأبواب التي شرعت بين الدول والقارات لا يمكن أن تقفل بالعودة إلى الوراء. لكن العولمة لا تعني بالضرورة أن تمحى الفروقات الحضارية ولا التمايزات الثقافية والاجتماعية للشعوب. فعلى كل منطقة من مناطق العالم أن تسعى لأن تجد لها مكانا تحت الشمس. والعالم بالنسبة لأي إنسان يبدأ من بيته ومن وطنه ومن جيرته. ولا يمكن التخلي عن الذات في سبيل عالم لا قلب له ولا هوية، ولا أن يترك للأقوياء سبل التحكم بأمر الضعفاء. أما الجامعة فإن دورها في هذا السبيل يقوم في السعي إلى اكتشاف الطاقات الكمينة في كل بلد والعمل على الإفادة من هذه الطاقات ليصبح قادرا على الانفتاح دون أن يضيع نفسه وعلى التبادل المفيد والمستفيد مع الآخرين. إنه سعي الشعوب نحو إحقاق حقوقها في العالم. ولن يكون لهذا العالم سلام ما لم تحترم المشاركة بين الجميع في صنع هذا السلام وتأمين مقوماته. أما لبنان فهو وطننا ويحق لهذا الوطن أن يكون قويا بأبنائه وبجهدهم المبارك في سبيل حياة تجمعهم تحت سمائه هو، ولا ترضى بتفريقهم تحت سماء الآخرين.
هكذا أيضا عن المنطقة العربية الشقيقة، فإن لها الحق بأن تتمتع بثرواتها وأن تفيد بخاصة من هذه الثروات قبل أن تنضب دون بديل لها فتؤمن عيش أجيالها في المستقبل الآتي. ليس هذا الكلام سياسيا بمقدار ما هو أخوي وإنساني. ولن يكون دور الجامعات عبر هذه المواقف سوى دور الضمير الموجه للقادة السياسيين والداعي لهم بأن يترفعوا عن الصغائر فترتفع أوطانهم كلها في مقياس الحضارة وطيب الوجود".

وأضاف: "يبقى أمامنا هدف ثالث تلتزمه الجامعة التزاما إنقاذيا حتى للأهداف التي ذكرت في هذا السياق. إنه هدف استبدال الحروب والمظالم التاريخية حيثما وقعت بالدعوة إلى الحوار واعتناق هذه الوسيلة دون سواها بلوغا إلى الأهداف السامية المتعلقة بصنع السلام.
إننا بكل صراحة نرفض الصراعات القائمة في هذه المنطقة بين أهل القومية الواحدة وأهل الدين الواحد وأهل المسؤولية الواحدة تجاه الكون والتاريخ. ولا نؤمن في أي حال بموقف "فرق تسد"، بل نؤمن بالوحدة الإنسانية وبالرفعة الروحية في كل دين، وفي الأديان التوحيدية بخاصة وعلى مستوى العلاقة الأخوية بين المسيحية والإسلام. فكل تسابق للتسلح بهدف سيطرة أخ على أخيه، هو تسابق مرفوض عند الله والناس.
فالجامعة تدعو أبدا للحوار ولاختياره موقفا بناء أوحدا لفض النزاعات وبخاصة بين الأخوة، وهي مسؤولة عن هذه الروح باسم الضمير والإنسانية إلى ما شاء الله. وهي أيضا مستعدة لأن تقوم بدورها في تقريب وجهات النظر لعلنا بذلك نسهم في إبقاء خيرات الشرق بين أيدي أهله طاقة بناء وحضارة، فلا تذهبن طعما للنار في حروب عبثية لا يريدها الله ولا عباده المخلصون".

وختم: "في هذه الأجواء المشرقية المكفهرة، ووسط انقسام الأخوة وابتعادهم عن روح التضامن والحق، تنطلقون أيها الخريجات والخريجون إلى الحياة وفي قلبكم قناعة لا تقهر بأن الله يبقى سيد التاريخ وبأن خميرة صالحة في شعبنا تبقى قادرة على أن تضع الجماعة كلها في طريق الخلاص. فإننا ندعوكم إلى الإيمان بربكم وإلى الثقة بأنفسكم وإلى التضامن فيما بينكم وإلى اعتبار القيم الروحية والإنسانية والوطنية الثابتة أنجمكم وأقماركم في الليالي الحالكات، إذ لا بد من أن يطلع الفجر وتطل أنوار الحقيقة ساطعة أمام كل إنسان. عند ذاك يقر بأفضالكم ولا فضل منكم ولا عليكم إلا لله.
وستبقى جامعتكم أمينة لهذا التراث الفكري والإنساني، ما بقيت. وإننا نسأل الله لكم أن توفقوا في مسيرة العمر والحياة، وأن تزيدوا على جامعتكم وعلى وطنكم قيما مضافة. وليسكب الله على أشخاصكم وعلى إنجازاتكم كلها فيضا من نعمه وبركاته".

كلمة المحتفى بهم
وكانت الطالبة المتفوقة في كلية الحقوق لارا أيوب، ألقت كلمة المحتفى بهم، وأكدت فيها باسم رفاقها "الوفاء لوطنهم وجامعتهم ومعلميهم وأهلهم وعلى مواجهة التحديات بكل تصميم وعزم وإيمان".
وقالت: "باسم رفاقي الخريجين أقول إننا نفخر بأن نكون أبناء لجامعة الحكمة صاحبة التاريخ والأمجاد".