العلوم السياسية وإغراؤها للطلاب المندفعين والذين يبغون تحقيق الهدف

تؤثّر السياسة على حياتنا اليوميّة حتى لو كان من النادر بالنسبة لنا ملاحظة هذا الأمر. «تقبّل السياسة وإلا أقبلت السياسة إليك» هذا ما قاله الممثّل الهزلي الفرنسي جمال دابوز ليحذّرنا منها، كما لاحظتم لا مفرّ من هذا الأمر، لا نستطع منع السياسة من إجتياح حياتنا، لأننا إن منعناها ستعود وتدخل وليس هناك أي شيء يمكننا فعله لمنعها.
تسيطر السياسة على طريقة حياتنا، تهيمن على تفكيرنا وإيماننا وتصرّفاتنا، تؤثّر على كل ما نتعلّمه منذ الصفوف الأولى حتى موقعنا الحالي في المجتمع. بمعنى آخر، تسيطر على كل تفاصيل حياتنا من الألف إلى الياء، لكن مهلاً إن كنت تفكّر في دخول ميدان السياسة، هنا بعض المعلومات لمساعدتك لإتخاذ القرار:
الفضول هو الصفة الأهم التي يجب أن يتمتّع بها طالب ناجح في العلوم السياسيّة، عليه أن يكون فضولياً للمعرفة وما يحصل حوله في العالم وطامحاً لفهم كل ما يجري من أحداث وأمور مثيرة للجدل. يُفترض على الطالب أيضاً أن يتمتّع بولع يتعلّق بكافة المجالات وأن يهتم بمعرفة الأبعاد الإجتماعية، التاريخيّة والقضائيّة المتعلّقة بالمشاكل المطروحة. من الصفات التي على الطالب التميّز بها هي محبّة قراءة جميع أنواع المقالات، الجرائد والكتب. يُشكّل إنفتاح الذهن صفة أساسيّة أيضاً، عليه أن يصغي ويتقبّل كل الأفكار والآراء التي تُطرح أمامه حتى ولو لم تعجبه. لكن أن تكون منفتحاً لا يعني «قبول كل ما تسمعه أو تقرأه بل هو بالأحرى سلامة عقل متعلّم» بحسب أرسطو. تساعدك مناقشة فكرة من دون أن تقبلها في تطوير «فن الإقناع» الذي عليك ممارسته لحياة سياسيّة ناجحة..
إن وجدت بعد قراءة المقطع السابق أنّ مواصفات العالِم السياسي تليق بك، إذاً يجدر بك متابعة القراءة لإيجاد تفاصيل هذا الإختصاص. تسمّيها بعض الجامعات «العلوم السياسيّة»،البعض الآخر يسمّيها «العلوم السياسيّة والشؤون الدوليّة».
لنجعل الأمر أكثر وضوحاً، علينا تحديد الفروقات بين المجالين. الشؤون الدولية هو فرع من فروع العلوم السياسيّة. فيما تتعامل العلوم السياسيّة مع النظريّة والتحليل وحتى تطبيق السياسات بشكل عام، تختصّ الشؤون الدوليّة بالشؤون الخارجية والقضايا العالمية بالإضافة إلى النزاعات العالقة بين العديد من الدول.
 
تَجمع بعض الجامعات المجالين في إختصاص واحد كجامعتي «البلمند» و«اللبنانية الأميركية» فيما يُقسّم البعض الآخر، (مثل جامعة الروح القدس) دراسة السياسة الدولية الى 3 أقسام: العلوم السياسية، الشؤون الدولية والإدارة العامة، (التي تُدرّس تركيبة المؤسسات والمنظّمات الإدارية في الدولة اللبنانية بالإضافة الى القوانين التي تحكم عملها). يتطلّب الحصول على شهادة في إحدى هذه الإختصاصات المذكورة أعلاه ثلاث سنوات دراسيّة.
يتطلّب التخرّج من جامعة البلمند إنجاز 90 وحدة تدريس، أي أقلّ ممّا تطلبه غيرها من الجامعات. يبلغ سعر الوحدة 325 دولار، أما الجامعة اللبنانية الأميركيّة فتطلب إنجاز 92 وحدة بكلفة 513 دولار لوحدة التدريس.
أما في جامعة الروح القدس فيرتفع عدد الوحدات المطلوب إنجازها إلى 96 ، سعر الوحدة 160 دولار. من السهل نسبياً دخول فرع العلوم السياسيّة. تحتاج فقط إلى شهادة البكالوريا اللبنانية أو ما يعادلها. ويُفرَض عليك إجراء إمتحان في اللغة الانكليزية في جامعتي البلمند واللبنانيّة الأميركيّة، وفي اللغة الفرنسيّة في ما يخصّ جامعتي الروح القدس والقديس يوسف. وهذا الإمتحان سيكون كافياً لتأهيلك للإنضمام إلى برنامج دراسة العلوم السياسيّة.
إن كنت مهتماً بهذا المجال يمكنك أن تعمل لاحقاً وبعد التخرّج كمديرٍ إداريّ، ديبلوماسي، مستشار سياسي، رئيس تحرير مجلّة / صحيفة، رجل سياسي، موظّف حكومي... يمكنك الإتجاه أيضاً نحو وكالات الأمم المتحدة والمؤسسات غير الحكوميّة.
يوفّر هذا الإختصاص مدخلاً رائعاً لدراسة الأنظمة السياسيّة والنظريّات الإجتماعيّة - السياسيّة. يتّصف معظم طلاب العلوم السياسية بقدرة التأقلم مع الحالات المتغيّرة وبتنمية فهم عميق للتركيبات الإجتماعيّة، وفضيلة إتّخاذ قرارات سريعة. يُفترض بهؤلاء الطلاب الإتصاف بقدرة على تحمّل المسؤولية والتمتّع بمواهب كبيرة في التواصل والإحصاء، من المفيد أيضاً لهم أن يتمتّعوا بتفكير تحليلي سيحتاجون اليه. 
من المفترض أيضاً أن يجيدوا إستعمال الكومبيوتر والهواتف الخليويّة الذكيّة للحصول على المعلومات وتحليلها.
سيواجه طلاب العلوم السياسية مزيجاً معقّداً من المواضيع خلال مسيرتهم الدراسيّة. من بين المواد التي سيدرسونها نذكر:
- العلاقات الإجتماعية - وسائل الأبحاث في العلوم السياسية - السياسة المقارنة - التفكير السياسي- الجدل والنقاش - التفكير التطبيقي - المنطق- مهارات الكتابة المعمّقة - المدخل لعلوم الكومبيوتر.
على طلاب العلوم السياسية أن يكونوا على جهوزية تامّة لكتابة مواضيع تختصّ بأحداث حاليّة. ربما يُطلب منهم دراسة مواضيع كأمن الدولة والميزانيّة المطروحة في الحكومات وكتابة التقرير عنها. الإهتمام بالتاريخ فضيلة كبرى لهؤلاء الطلاب لأن من الممكن جداً أن يراجعوا معلومات وأحداثاً حصلت في زمن أفلاطون عندما يتعلّمون تاريخ مختلف الحكومات والثقافات في كل أنحاء العالم. كجزء من برنامج التدريس، المطلوب من طالب العلوم السياسيّة فهم موضوع التطوّع في حملة سياسيّة محليّة ممّا قد يشكّل فرصة ثمينة جداً لكسب الخبرة ولإجراء علاقة مهنيّة في العالم الحقيقي للسياسة المحليّة.
على الطلاب أيضاً أن يكونوا جاهزين لكتابة أطروحة جامعيّة متعلّقة بموضوع من إختيارهم. في أغلب الأحيان، تتعلّق تلك الأطروحة بأوضاع سياسيّة آنيّة، لكن البعض يفضّل التحدّث عن سياسة حكومات سابقة وتأثيرها على الحاضر. هذا ميدان ساحر، للأشخاص الذين يحبّون الإستطلاع والشغوفين في معرفة أمور المجتمعات والملتزمين التحديث في العالم.
من الأفضل أن يستعد الطلاب لنقاشات في الصفّ. ستكون معظم المواضيع المطروحة مثيرة للجدل وسيشهد الصفّ الكثير من الإنفعالات. يكمن سرّ نجاح الطالب بإلتزام الهدوء أمام الطرف الآخر وقدرته على النطق بردّ هادىء منطقي وصحيح.
 
أغلبيّة الطلاب الذين يجتازون هذا المجال هم أذكياء، ولديهم شغف لفهم كل ما من حولهم وإن إضطرّ الأمر إلى تغيير بعض الأمور إلى الأفضل، فالعلوم السياسية تكون الخيار الأول لهؤلاء الناس الذين ينتظرهم مستقبل مثير ومشرق أمامهم.
وداد سمّان